أنا السبب في موتهم الجزء الاخير
– آلو من المتصل ؟
– أنا خديجة..
– أهلا خديجة كيف حالك..هل من أخبار عن نور ؟
– أنا آسفة..
– ماذا حدث ؟
– لقد ماتت نور لحظة إجرائها للعملية الجراحية بسبب نزيف دماغي..
– ماذا ؟؟.
– صدقني أنا أيضا مصدومة..لا أصدق أنها ماتت…
ما أسوء أن تبدأ صباحك بخبر صاعق كهذا، لقد دمرت كل شيء ولن أسامح نفسي أبدا فأنا السبب فيما حدث وأنا السبب في موتها، كنت أتمنى لو منحني القدر فرصة واحدة للعودة بالزمن إلى الخلف لأصلح خطأي هذا، كنت أتمنى لو ابتلعتني الأرض لما حدث كل هذا، إتجهت في ذلك اليوم إلى المسجد..أحاول استيعاب الأمر في بكاء شديد ونظرات المصلين تصب في اتجاهي..الكل ينظرون إلي يتساؤلون ويستفربون مني..فدموع كهذه لن يدرفها سوى شخص ملعون ترفضه التوبة، مد رجل كبير في السن يده ووضعها فوق كتفي وقام بحضني وقال لي بهمس “لا تحزن يا بني كل شيء سيكون بخير..لا تحزن إن الله معنا..مهما كان حجم مشكلتك سلم نفسك لله فحتما لن يتخلى عنك..كن مع الله يا بني وحتما سيكون معك..لا تبك سينتهي كل شيء..كن رجلا فالرجل لا يبكي”..
كيف سأقنع رجلا كهذا بما تسببت في حدوثه، كيف سأقنعه بما حدث وكيف سأصف له آلامي التي حملتها في كبريائي منذ دخولي لهذا العالم، كيف أخبره بحجم الذنب الذي أشعر به، لزمت الصمت إلى حين انتهاء صلاة الجمعة وعدت أدراجي إلى البيت، وفي المساء إتصلت بي “خديجة” مجددا:
– مرحبا عبد الله..اتمنى ان تكون بخير..حقيقة لا أعلم كيف أصف شعوري لك بعد ما حدث..
– متى ستكون مراسيم الدفن أريد القدوم لرأيتها..
– لم يحددو الموعد بعد، لكن والداها يصران على دفنها هناك في أمريكا..هذا ما أخبرتني زوجة عمي عندما اتصلت بها وطلبت منها أن تحضر لي بعض حاجيات نور..
– هذا يعني أنها لن تدفن هنا في المغرب ؟
– على ما أظن..اتصلت بك لأخبرك أن “نور” لم تأخد علاجها الأسبوعي مما سبب لها نزيفا عجز الأطباء عن إيقافه لحظة إجرائها للعملية..لقد حدث لها شيء ما..وأردت أن أسألك إن كنت تعرف شيئا عنها أو إن كانت أخبرتك بشيء ما..
– أنا السبب في ما حدث لها..لقد قتلتها.
– ماذا تقول ؟ هل جننت ؟
– هل تذكرين ذاك اليوم حين قلت لي “كن صبورا معها وحاول ألا تقلقها..إن دماغها ضعيف”
– أجل أذكر ذلك..
– أنا لم أفعل بنصيحتك..كنت قاسيا معها وأنا السبب في ما حدث لها..انا السبب في كونها لم تأخد علاجها السبت الماضي..لقد قطعت علاقتي بها وكانت غاضبة مني..أنا السبب في موتها..
– لا أعلم ماذا أقول لك..لكن إن كنت حقا السبب في ما حدث لها فلن أسامحك أبدا..إياك أن تتصل بي مجددا لقد خاب ظني فيك كثيرا، أنت لا تستحقها عسى أن تبتلع الأرض أحشائك..أنت شخص ميؤوس منه..أمثالك مكانهم في الجحيم..
بعد هذه الحادثة عدت إلى عالمي مجددا..محاولا الإبتعاد قدر الإمكان، فلا أحد يملك القدرة الكافية لاستحمال هذا الكم الهائل من الهلاك النفسي، تحولت إلى جثة تسير فوق الأرض أمضيت أيامي في البيت فقط، أفكر طيلة الوقت وأحاول استيعاب ما حدث، أتساءل عن السبب في كل هذه الآلام النفسية التي لازمتني منذ صغري، بدأت أفكار الانتحار والموت تراودني ليس بسبب التعب النغسي أو الإكتئاب الذي أعاني منه، وإنما رغبة في الانتقام من نفسي..فكرت في الأمر لكنني لم أستطع..لم أملك الشجاعة الكافية لفعل ذلك..فقلت في نفسي لننتظر القدر ربما يخفي شيئا لي وعسى أن تكون هذه نهاية مأساتي وآلامي وولادة مستقبل جديظ..عزمت أيضا عن الابتعاد عن البشر وألا أصادق أحدا أبداا أملا في طرد الماضي..لكن حتما مهما بلغت مسافة ابتعادي ونسياني له حتما سيعود الماضي ليوقظ اللعنة في نفسي مجددا…(سأترك النهاية مفتوحة لأعود بقصة جديدة ).