أنا السبب في موتهم الجزء الثالث
دخل في غيبوبة وفي المساء لفظ أنفاسه الأخيرة وغادر صديقي الوحيد إلى السماء..أجل لقد مات، لن يكون لي صديق بعد الآن، أصابع الإتهام كلها وجهت لي من طرف عائلة “سعيد” بأنني السبب في موته لأنني صديقه الوحيد وكان يمضي جل وقته برفقتي وقد أمضى يومه الأخير برفقتي، وأنا لا ألومهم فأنا السبب طبعا في موته وأنا أدفع الثمن الآن، بعد هذه الحادثة أصبح الكل ينفرون مني، الكل يحاولون إبعاد أبنائهم عن طريقي كي لا يحدث لهم ما حدث لصديقي “سعيد”…
رغم كل ذلك لم أتخل عن صديقي سعيد بل كنت أذهب لزيارته في المقبرة كل يوم، كنت أجلس قرب قبره وأتحدث إليه وأطلب مغفرته لي فأنا السبب في ماحدث له، كانت طفولة قاسية حقا فلا شيء أسوء من هذا، تشعر بالألم والذنب على مدار الساعة في صمت في أوج طفولتك ولا أحد يشعر بك، يمقتونك ويكرهونك دون أن يعرفو حقيقتك وحقيقة ماحدث معك، بمجرد مروري من الحي أو في العودة إلى بيتي يتفاجؤون برؤيتي ويصيحون “أنظرو من أتى..إنه الملعون..السبب في موت سعيد..تجنبو رفقته لتنجو بحياتكم..إنه شخص ملعون ورفقته خطيئة”…
لم يعلمو حجم الألم الذي أصارعه كل يوم بسبب ما حدث..لم يعلمو أن برائتي قتلت في ذلك الطريق ذاك اليوم عندما خسرت أفضل صديق لي..يستمرون في الإساءة إلي عمدا كأنهم ينتقمون لشيء ما…وفي جو كهذا ما كان بيد والداي سوى مغادرة تلك المنطقة لكون أبي يشتغل في البيضاء وأملا في متابعة دراستي هناك، بعد أن غادرنا تلك المنطقة أمضيت حوالي 6 سنوات في البيضاء..أكملت طفولتي هناك وتابعت دراستي، لم يكن لي أصدقاء حينها إلى أن بلغت الثانوية لأنني عزمت أن أبتعد عن الجميع وألا أصادق أحدا بعد ماحدث لي وما مررت به…
في أحد الأيام أردت الذهاب إلى مدينة الرباط..وكنت في مدينة المحمدية آنذاك وفي طريقي للدخول الى محطة القطار استوقفتني فتاة شابة، أنيقة وذات ملامح جميلة وقالت لي في خجل:
– أخي أرجوك هل يمكنك مساعدتي ؟
– أجل إذا كان الأمر في استطاعتي..
– أرجوك أنا عالقة هنا منذ الصباح لقد فقدت حقيبتي ولا أملك مالا لاقتناء تذكرة القطار ولم أتجرأ على مد يدي لأحد، إن كان باستطاعتك أن تساعدني وأعدك أنني سأضاعف لك ثمن التذكرة ما أن أصل إلى دياري..
– أنت متجهة إلى الرباط ؟
– نعم..
– حسنا سوف أساعدك ولا تحتاجين إلى مضاعفة ثمن التذكرة لي..
– شكرا جزيلا لك..لن أنسى معروفك هذا لي..
– لا مشكلة..
– بالمناسبة إسمي إيمان أقطن بمدينة الرباط وأنتمي إلى طبقة بورجوازية وأنت ؟
– إسمي عبد الله وتشرفت بمعرفتك..
– الشرف لي..مادمت مصرا ألا أضاعف ثمن التذكرة لك أنا مصرة أن تمنحني رقم هاتفك…يوما ما سأرد لك معروفك هذا.