Advertisement

سأضع حدا لحياتي – قصة قصيرة للكبار

Advertisement

قصة قصيرة : سأضع حدا لحياتي

تقدم لكم مجلة استفادة قصة قصيرة بعنوان ” سأضع حدا لحياتي ” على حافة ما يقف أحدهم، شخص نحيف الجسم ومكتئب الوجه وذو تعابير سوداوية، يمسك سجارته الأخيرة في يده وينظر إلى أسفل الحافة الشاهق بتمعن..يتحدث إلى نفسه كأنه يخاطب شيئا ما بداخله..شيء ما بداخله يجعله ينتظر بعض الوقت..فجأة سمع صوت شيء يتحرك خلفه..إنه صوت أقدام أحدهم..إلتفت خلفه فوجد إحداهن تقف خلفه وبمقربة منه وتنظر إليه في صمت..فتاة شقراء ووسيمة بلباس أسود كلباس جنازة في ليلة ظلماء..

لم يهتم لأمرها وعاد إلى آخر الحافة وتابع تمعنه ومخاطبة نفسه..فجأة بادرت إلى الحديث:
– المنظر من هنا يبدو رائعا..بعيدا عن البشر..
– إنه كذلك..
– هل سيؤلم الأمر ؟
– ربما..
– ما سبب وجودك هنا ؟ حتما هناك شيء دفعك لفعل هذا..
– إنه الألم..أنا لا أنتمي إلى هذا العالم ووجودي هنا خطأ، لم أعد أرغب في التواجد هنا فقد ضقت درعا..رحل والداي إلى السماء وتخلى عني أصدقائي وأغلقو نوافدهم في وجهي، وفقدت صديقتي بعد أن تم طردي من وظيفتي..تركتني بعد أن تقدم أحدهم لطلب يدها للزواج، رحلو جميعا بعد أن أدركو أنه لا مصلحة لهم في، في الماضي كانو يعانقونني في صورهم وبعد مدة عدت نكرة بالنسبة لهم وتلاشى كل شيء ولم يبقى سوى الذكريات الزائفة..لم يكونو صادقين أبدا..عدت جليسا للوحدة والعزلة والصمت..فقدت الثقة في كل شيء حتى في ذاتي، فقدت الرغبة في الحياة..أمضيت سنوات محاولا التأقلم مع خبث البشر وقسوة الحياة لكنني لم أستطع، لقد إكتفيت..

– لا تفقد الأمل..
– هل تعلمين أن الأمل شيء زائف ؟ إن لم تستطع إصلاح ما دمرته ستصاب بالجنون وسيقودك جنونك إلى هذه الحافة لينتهي بك الأمر في الأسفل إلى أشلاء..لا أحد يتذكر الورود التي تداس بالأقدام، لقد قررت أن أضع حدا لحياتي لأن وجودي هنا كعدمي..دمرت طموحاتي وتلاشت أحلامي وتحطمت أهدافي، أصبحت كالعازف الذي كان الجميع يتوافدون عليه للإستمتاع بعزفه وبعد أن فقد براعته غادروه بحثا عن عازف جديد..وجودي هنا مرتبط بما أقدمه لهم، وإن كنت مجرد عالة فلا غاية من وجودي أصلا..تماما كما يحدث مع الأزهار عندما تدبل ينساها الجميع بعد انصراف الربيع..أنا غريب هنا وتائه بين أفكاري..أشعر بالألم في صمت..وبعد الكثير من المحاولات أدركت أنه لا فائدة من الأمر..لن أستطيع العيش أبدا وعلي أن أغادر هذا العالم كما دخلته وبأسرع وقت..

– لقد قررت إذا ؟
– أجل..ولا فائدة من التراجع..
– حسنا..دعني أخبرك شيئا..أنت تتألم لأنك ربطت حياتك بأناس آخرين..كنت تعيش للآخرين وليس لنفسك..ولو كنت تعيش لنفسك لما كنت هنا الآن..ربما أنت تستمتع لوحدك الآن في مكان ما..ربما تتساءل عن سبب وجودي هنا..أنا أيضا تخلى عني أصدقائي وفقت والدتي في حادثة سير، لقد تغير كل شيء منذ ذلك اليوم الذي غادرت فيه أمي إلى السماء، أنا أيضا أقدمت على وضع حد لحياتي لكنني لم أملك الشجاعة الكافية لفعل ذلك، شيء ما بداخلي يمنعني، كانت هذه المرة ستكون الأخيرة لكنني فجأة صادفتك وبعد حديثك معي أدركت أنني لست الشخص الوحيد الذي يتألم..لست الشخص الوحيد الذي يعاني..أدركت أن الكل يتألمون، كل ما نحتاج إليه هو أن يشعر بنا أحدهم ويحس بآلامنا، أنت تستحق الحياة إمنح فرصة أخيرة لنفسك ودعني أكن جزءا من عالمك الصغير..لن اخون ثقتك أبدا كما فعل أصدقائك..سأكون صديقة وفية لك بدون مقابل..سنمضي وقتنا معا وبالطريقة التي تريدها أنت..لن نحتاج إلى البشر بعد الآن..يكفي أننا نشعر بنفس الألم وكل منا يدري ما يحس به الآخر..سنكون بخير…ما رأيك ؟
– هل ستدفعين ثمن فنجان القهوة ؟
– أجل سأفعل..هيا بنا لنعد أدراجنا..لدي الكثير لأحدثك عنه..

Advertisement
شارك المقال لتعم الفائدة :