أنا السبب في موتهم الجزء الخامس
عدت إلى عالمي وعزمت عن الإبتعاد عن الجميع ورفض صداقة أي شخص كان، أمضيت أيامي في الدراسة والبيت فقط، لا أصدقاء لا تسلية لا مرح لاشيء من هذا القبيل، سرعان ما فتك الإكتئاب بجسدي بسبب انحيازي للعزلة والوحدة بعيدا عن البشر أملا في نسيان في الماضي.
بعد مرور بضع سنوات بعد التحاقي بالجامعة شاء القدر أن أتعرف على صديقة أخرى في مواقع التواصل الاجتماعي تدعى “نور النواري” وهي مغربية الأصل وتقطن بالولايات المتحدة الأمريكية، إنها ميتة الآن وأنا السبب في موتها أيضا.
“نور” كانت تنتمي إلى أسرة مسلمة محافظة هناك في “نيو يورك” لهذا كان من الصعب عليها إقامة علاقة مع شخص ما هناك خشية على ضياع شرفها، كما أنها لا تثق بالأجانب رغم أنها نشأت بينهم، كانت تتصل بي فالساعات الأخيرة من الليل وتحكي لي كيف أمضت يومها وكانت تطلب مني أن أعلمها بعض الكلمات بالدارجة المغربية لأنها لا تجيدها كثيرا لكونها ولدت هناك في أمريكا..مرت الأيام على هذه الحال إلى أن اقترحت علي أن نقيم علاقة نحن الإثنين، وهذا نص المحادثة التي دارت بيننا:..
– عبد الله أريد أن أطرح عليك سؤالا..
– نعم..تفضلي
– هل أنت مرتبط ؟
– لا لماذا ؟
– وما السبب في ذلك ؟
– لا سبب في ذلك..أنا فقط لا أرتبط..
– لدي اقتراح..ما رأيك أن نقيم علاقة نحن الإثنين ؟
– لا أعلم ماذا أقول، ولكن لأكون صريحا معك أنت جميلة وشقراء وأعتقد أنه من الأفضل أن نظل أصدقاء..هكذا أفضل..كما أنك تقطنين في قارة وأنا في قارة أخرى..
– ما أفهمه من كلامك أنك ترفض اقتراحي ؟
– أنا لست من مستواك ولا أليق بك، أنت تستحقين الأفضل..
– لماذا أنت هكذا ؟ أنت تغضبني حقا..لو كنت أرغب في أصحاب المظاهر والمال لما تحدثت إليك منذ البداية..أصحاب المظاهر الجميلة والسيارات الفخمة يملؤون شوارع “نيويورك” ويركضون خلف الأجساد كالذئاب، أضف إلى ذلك أنا لا أريد منك شيئا..فقط أن نكون معا..أنت شخص طيب وصادق وهذا ما أريده..
– لأكون صريحا معك..لدي ماض سيء جعلني أبتعد عن الجميع..لقد خسرت صديقين ومررت بلحظات قاسية حولت جسدي إلى مكب للأمراض النفسية والآن قد إكتفيت..ولا أرغب في شيء بعد..
– لدى كل منا ماضيه، والماضي ماض لن يعود..هل تفهم ؟..لن يعود، حياتك لازالت مستمرة لماذا تصر على إيقافها عند هذا الحد ؟ أنت تبدو كشخص عجوز في جسد شاب بتفكيرك هذا..لماذا لا تمنح نفسك فرصة لتبدأ من جديد ؟..كل البشر يمرون بفترات فشل وإحباط وعجز لكنهم يستمرون في النهاية..لماذا أنت باستثنائهم ترفض الاستمرار ؟
– ماذا لو عاد الماضي ودمر الحاضر ؟
– لن يعود..أنا بجانبك وسأدعمك بكل ما في وسعي لتتخطى الأمر..ما رأيك ؟
– حسنا..
حاولت إبعادها كي لا أقع في المتاعب مجددا لكن لا جدوى، في النهاية وافقت على اقتراحها..في البداية اقتصرت علاقتنا في مواقع التواصل فقط، وبعد مدة أخبرتني أنها ستأتي لزيارتي هنا في البيضاء لكون عائلتها تملك منزلا في “بورگون”..وهذا ما حدث، جاءت لزيارتي وأمضينا بعض الأيام معا ثم عادت لتكمل دراستها الجامعية في “نيويورك”..وفي أول اتصال دار بيننا بعد عودتها، تحدثت معي بشأن الزواج وأخبرتني أنها ستتفكل بكل شيء وستقوم بكل شيء لنعيش سويا هناك في أمريكا