تعريف الشرط وخصائصه وأصنافه

تعريف الشرط وخصائصه وأصنافه

تعريف الشرط

عرف مشرع الشرط في الفقرة الأولى من الفصل 107 فقال: “الشرط تعبير عن الإرادة يعلق على أمر مستقبل وغير محقق الوقوع إما وجود الالتزام وإما زواله” ، فالالتزام المقرون بشرط هو إذن التزام مجهول المصير، إذ الشك يدور حول معرفة ما إذا كان الأمر الذي علق عليه وجود الالتزام أو زواله سيتحقق أو لا يتحقق في المستقبل.
فالشك لب الشرط وجوهره حيث انه لا يمكن ان يعلق الشرط على امر ماضي او حاضر وان يكون محقق الوقوع وهذا ما اقره المشرع المدني من خلال فحوى هذا الفصل.

خصائص الشرط

مر معنا أن الفصل 107 يتطلب في الشرط أن يكون أمرا مستقبلا من جهة وان يكون غير محقق الوقوع من جهة ثانية. وقد أضاف الفصل 108 أن:” كل شرط يقوم على شيء مستحيل أو مخالف للأخلاق الحميدة أو للقانون يقع باطلا ويؤدي إلى بطلان الالتزام الذي يعلق عليه”.
فمن هذه النصوص يتضح أن للشرط خصائص أربعة:

1- يجب أن يكون الشرط أمرا مستقبلا

لا بد في الأمر الذي ينطوي عليه الشرط أن يكون أمرا مستقبلا، والأمر المستقبل الذي ينطوي عليه الشرط قد يكون أمرا ايجابيا وقد يكون أمرا سلبيا.
والأمر الايجابي والأمر السلبي يستويان في الحكم. على أن ثمة فارقا عمليا يبرز من ناحية تقدير الوقت الذي يعتبر فيه الشرط متحققا أو مختلفا.
فعندما يكون الشرط أمرا ايجابيا تحدد عادة مدة قصيرة بحيث إذا انقضت هذه المدة دون أن يتحقق الأمر اعتبر الشرط متخلفا. أما إذا كان الشرط أمرا سلبيا فالمدة غالبا ما تكون طويلة.
ومادام الأمر الذي ينطوي عليه الشرط، لابد أن يكون مستقبلا، فان الأمر الماضي أو الأمر الحاضر لا يصح أن يكون شرطا حتى ولو كان مجهولا من احد طرفي الالتزام أو من كليهما وهذا ما اكده المشرع المغربي في الفقرة الثانية من الفصل 107 أن:” الأمر الذي وقع في الماضي أو الواقع حالا لا يصلح لان يكون شرطا وان كان مجهولا من الطرفين”.

2- يجب أن يكون الشرط أمرا غير محقق الوقوع

من خصائص مؤسسة الشرط أيضا أن يكون الأمر المستقبل الذي علق عليه وجود الالتزام أو زواله غير محقق الوقوع، أما إذا كان الأمر محقق الوقوع إن عاجلا أو أجلا سواء كان موعد تحققه معلوما أو غير معلوم، فلا يكون شرطا. ذلك أن مثل هذا الأمر المحقق الوقوع يفتقر إلى عنصر الجهالة والشك وهو عنصر يلازم الشرط فلا يقوم بدونه، فإذا قلت لشخص مثلا أعطيك ألف درهم إذا حل الصيف ، فلا يكون تصرفي تصرفا موقوفا على شرط لان حلول الصيف أمر آت في موعده بل إن تصرفي هذا يعتبر تصرفا مقرونا بأجل يتأخر التنفيذ إلى الميعاد الذي يحل فيه الصيف.
على أن الأمر المحقق الوقوع قد يقترن بملابسات تجعل فيه أمرا غير محقق الوقوع فإذا قلت لشخص مثلا أعطيك ألف درهم إذا توفي فلان خلال السنة الجارية، يكون تصرفي مقرونا بشرط لان الموت وان كان محقق الوقوع في ذاته، إلا أن حصوله خلال السنة الجارية هو أمر مشكوك فيه. وبذلك يصبح الموت في نطاق الملابسات التي أحاطت به شرطا لا أجلا.

3- يجب أن يكون الشرط أمرا غير مستحيل الوقوع

الأمر المستحيل الوقوع لا يمكن أن يكون شرطا. والأمر مستحيل الوقوع هو الذي لا يمكن تحققه إما بسبب مغايرته لمقتضيات الطبيعة، وإما بسبب تعارضه وأحكام القانون. وهكذا فالاستحالة إما أن تكون استحالة مادية أو طبيعية، وإما أن تكون استحالة قانونية أو بحكم القانون.
والاستحالة المادية التي تحول دون قيام الشرط هي الاستحالة المطلقة، أي الاستحالة الموضوعية التي تجعل تحقق الشرط بالوسائل الموجودة في متناول الإنسان مستحيلا، لا بالنظر إلى الشخص المشترط إليه، بل بالنسبة للكافة. فإذا التزم شخص مثلا بإعطاء جائزة لآخر إذا هو أعاد الحياة إلى ميت، يكون علق التزامه على شرط مستحيل استحالة مادية مطلقة. ويؤدي حتما إلى بطلان الالتزام الذي علق عليه.
أما الاستحالة النسبية فهي الاستحالة التي تقوم بالنسبة إلى شخص المشترط إليه فقط. فمثل هذه الاستحالة لا تمنع من قيام الشرط لأنها عجز شخصي لا استحالة. فإذا اشترط مثلا شخص على آخر ممن لا يجيدون السباحة عبر نهر سبو سباحة، فان شرطه هذا لا يعتبر مستحيلا لان من السباحين من يستطيع عبر ذلك النهر. لذا يعتبر الالتزام على مثل هذا الشرط التزاما صحيحا يتوقف وجوده أو زواله على تحقق الشرط.
كما تكون الاستحالة مادية يمكن أن تكون قانونية، فمن يلتزم مثلا بإعطاء عمولة لسمسار إذا اشترى له عينا موقوفة أو حديقة عامة، يكون علق التزامه على شرط مستحيل استحالة قانونية، لان التصرف بالوقف أو بالأملاك العامة أمر يحظره القانون حظرا مطلقا.
ويجب الانتباه إلى أن العبرة في تقدير الاستحالة هي للوقت الذي اشترط فيه الشرط. فالتصرف الذي يعلق على شرط مستحيل يبقى باطلا حتى ولو أصبح الشرط ممكنا في وقت لاحق.وقد أوضح المشرع ذلك في الفقرة الأخيرة من الفصل108 حيث قال:” ولا يصير الالتزام صحيحا إذا أصبح الشرط ممكنا فيما بعد”

4- يجب أن يكون الشرط أمرا غير مخالف للقانون أو للآداب العامة

يجب أن يكون الشرط أمرا لا يخالف القانون، فالشرط الذي يخالف القانون هو شرط غير مشروع، وبالتالي هو شرط باطل ومبطل للالتزام المعلق عليه.
وقد عرض المشرع على وجه التخصيص لبعض أنواع من الشروط غير المشروعة التي تقع باطلة وتؤدي إلى بطلان الالتزام الذي يعلق عليها وذلك في الفصلين 109 و110 ق ل ع.
1ـ فالفصل 109 نص في فقرته الأولى على أن:” كل شرط من شأنه أن يمنع أو يحد من مباشرة الحقوق والرخص الثابتة لكل إنسان كحق الإنسان في أن يتزوج وحقه في أن يباشر حقوقه المدنية، يكون باطلا ويؤدي إلى بطلان الالتزام الذي يعلق عليه”، فإذا وهب شخص مبلغا من المال لآخر وعلق هذه الهبة على شرط عدم ممارسة حق الزواج كان الشرط باطلا وكانت الهبة المعلقة على تحقق مثل هذا الشرط الباطل باطلة أيضا.
على أن المشرع استثنى من حكم البطلان” الحالة التي يمنع فيها أحد الطرفين نفسه من مباشرة حرفة معينة خلال وقت وفي منطقة محددين” الفقرة الثانية من الفصل 109.
وتجدر الملاحظة على أن الاستثناء من البطلان الذي قرره المشرع يتطلب، كما هو واضح، أن يكون الامتناع عن مباشرة الحرفة محددا من حيث الوقت ومن حيث المكان معا. أما إذا ورد الامتناع مطلقا أو ورد محددا من حيث الوقت دون المكان أو من حيث المكان دون الوقت، فإنه يقع باطلا ومبطلا للالتزام المعلق عليه، وذلك عملا بحكم الفقرة الأولى من الفصل 109.
2ـ والفصل 110 نص في فقرته الأولى على أن :” الشرط الذي ينافي طبيعة الفعل القانوني الذي أضيف إليه يكون باطلا ويبطل الالتزام الذي يعلق عليه”، فإذا ما بعت بناء واشترطت على المشتري منعه من التصرف في المبيع بصورة مؤبدة، فان شرطي هذا يقع باطلا لأنه ينافي حق المالك في التصرف في ملكه وبطلان الشرط يؤدي إلى بطلان البيع المعلق عليه.
على أن المشرع أجاز تصحيح الالتزام المعلق على شرط ينافي طبيعة الفعل القانوني الذي أضيف إليه” إذا تنازل صراحة عن التمسك بالشرط الذي وضع لصالحه” الفقرة الثانية من الفصل 110. ففي المثال السابق إذا تنازل عن شرط منع المشتري من التصرف في المبيع، يصحح البيع وترفع عنه شائبة البطلان.
ولكن لابد في التصحيح أن يقع التنازل عن التمسك بالشرط بصورة صريحة كما هو واضح من النص. أما التنازل الضمني فلا يكون منتجا ولا يترتب عليه تصحيح الالتزام.
ويجب أن يكون الشرط غير مخالف للآداب العامة، والشرط المخالف للآداب العامة هو الشرط الذي يرمي إلى حمل شخص على القيام بعمل ينافي القواعد الأخلاقية الواجب صيانتها وحمايتها.فإذا ما التزم شخص بأداء ألف درهم لزيد وعلق التزامه على أن يشتري له زيد دارا للمقامرة أو بيتا للدعارة كان الشرط باطلا و مبطلا للالتزام.
وتجدر الاشارة الى ان انعدام الفائدة من الشرط يوجب اعتباره كأن لم يكن ولابد في الشرط، حتى يعتد به من أن يكون ثمة فائدة في تحققه، أما إذا طرأ ما من شأنه أن يعدم هذه الفائدة فإنه يجب اعتبار الشرط كأن لم يكن والالتزام المعلق عليه التزاما منجزا. فالفصل 111 نص على أنه:”يبطل ويعتبر كأن لم يكن الشرط الذي تنعدم فيه كل فائدة ذات بال، سواء بالنسبة إلى من وضعه أو إلى شخص غيره، أو بالنسبة إلى مادة الالتزام”.

 أصناف الشرط

الشرط على أنواع مختلفة يمكن تصنيفها من زوايا متعددة، فالتصنيف الأهم هو المتمثل من حيث اثاره، إما أن يكون شرطا واقفا وإما أن يكون شرطا فاسخا، كما كون شرطا غير إرادي أو متروكا للصدفة، وإما أن يكون شرط إراديا، وإما أن يكون شرطا مختلفا، او يكون شرطا إراديا بسيطا و إما أن يكون شرطا إراديا محضا

الفقرة الأولى: الشرط الواقف و الفاسخ و الشرط غير الإرادي والشرط الإرادي والشرط المختلط

1- الشرط الواقف

الشرط الواقف هو الذي يتوقف عليه وجود الالتزام بحيث إذا تحقق الشرط وجد الالتزام، وإذا تخلف لا تقوم للالتزام قائمة ولا يخرج إلى الوجود.
مثال ذلك أن تتعهد شركة ضمان بدفع تعويض لمالك منزل مؤمن عليها إذا هلك هذا المنزل بالحريق، فالشرط في هذا المثال هو شرط واقف لأن التزام شركة الضمان لا ينشأ إلا إذا تحقق الأمر الذي علق وجود الالتزام وهو حدوث الحريق.

2- الشرط الفاسخ

الشرط الفاسخ هو الذي يتوقف عليه زوال الالتزام بحيث إذا تحقق الشرط زال الالتزام واعتبر كأن لم يكن، وإذا تخلف أصبح الالتزام باتا، مثال ذلك أن يوافق الدائن على تقسيط دينه شرط أن يدفع المدين هذه الأقساط كل قسط بميعاده وإلا استحق الدين بكامله. فالشرط في هذا المثال شرط فاسخ وتقسيط الدين يزول ويستحق الدائن الدين كله دفعة واحدة إذا تأخر المدين في دفع قسط من الأقساط في ميعاده. لذا يقال عن الشرط هنا أنه شرط فاسخ.
وهنا جاب طرح الاشكال التالي، في حالة عدم معرفة نوعية الشرط ما المعمول يا ترى ؟
عند الشك يرجع الامر للقضاء من اجل تعيين نوع الشرط حيث انه قد يصعب أحيانا معرفة ما إذا كان الشرط الوارد في العقد شرط واقف أو شرط فاسخ ويثور الشك في تعيين نوع الشرط، كأن يكري المالك منزلا للسكن شرط أن توافق زوجة المكتري عليها كما يمكن اعتباره شرطا فاسخا بحيث يكون الكراء تاما واجب التنفيذ على أن يفسح إذا لم يقع المنزل موقع الرضى من الزوجة.
ففي مثل هذه الحالة، يعود الأمر لقاضي الموضوع الذي يرجع إليه البث فيه مسترشدا بالملابسات والظروف التي تحيط في القضية والتي تمكنه من معرفة نوع الشرط الذي انصرفت إليه نية الطرفين فيحكم على مقتضى هذه النية.

3 – الشرط غير الإرادي

الشرط غير الإرادي ويسمى أيضا الشرط المتروك للصدفة هو الذي لا علاقة له بإرادة الإنسان أصلا بل تتحكم فيه ظروف خارجة عن هذه الإرادة لان الأمر الذي يتوقف عليه ليس باستطاعة الدائن ولا المدين تحقيقه أو الحؤول دون تحقيقه.
مثال ذلك أن يعلق الملتزم التزامه على شرط وصول الطائرة التي تقل ابنه سالمة إلى المطار.
وبديهي أن يقع الشرط غير الإرادي شرطا صحيحا دوما لان سائر المقومات متوافرة فيه، فهو أمر مستقبل غير محقق الوقوع وغير مستحيل وليس فيه ما يخالف القانون أو النظام العام أو الآداب العامة.

4- الشرط الإرادي

الشرط الإرادي هو الذي يتعلق بإرادة احد طرفي الالتزام الدائن أو المدين وتتحكم به هذه الإرادة بمعنى أن الأمر الذي يقوم عليه يستطيع أحد الطرفين المتعاقدين تحقيقه أو منع تحقيقه، مثال ذلك أن أقول لأحد أبيعك سيارتي شرط أن يكون لكلينا أو لأحدنا خيار فسخ البيع خلال أسبوع.
ففي هذا المثال يتوقف فسخ البيع على إرادة أي من كلينا أنا البائع و الطرف الآخر المشتري أو على إرادة من منا اشترط الفسخ لمصلحته.

5- الشرط المختلط

الشرط المختلط هو الشرط الذي يتوقف تحققه على إرادة احد طرفي الالتزام ومشاركة عامل خارجي عنها كمجرد الصدفة أو إرادة الغير مثل أن يعلق الملتزم أداء مكافأة لأحد على شرط الفوز بالسباق. فهذا الشرط شرط مختلط لان الشرط الأول يتعلق بإرادة من اشترط عليه الفوز بالسباق وكذلك بظروف خارجية قد لا يكون لإرادته سلطان عليها.
والشرط المختلط هو شرط صحيح لأنه وإن كان يتوقف إلى حد ما على إرادة احد طرفي الالتزام فهو رهين بعنصر خارج عن هذه الإرادة يجعل تحققه أمرا محتملا غير محقق وغير مستحيل.